أن
أن
أنْ تَبْقَى حَقِيقِيًّا وَسَطَ كُلِّ هَذَا الزَّيْفِ، هُوَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ نِضَالٌ صَامِتٌ لَا يُدْرِكُهُ إِلَّا مَنْ خَاضَهُ. أَنْ تَصْمُدَ أَمَامَ تَيَّارَاتِ الْمَظَاهِرِ وَالِادِّعَاءَاتِ، أَنْ تَكُونَ صَادِقًا مَعَ نَفْسِكَ وَمَعَ الْآخَرِينَ، رَغْمَ كُلِّ مَا قَدْ تُوَاجِهُهُ مِنْ مَوَاقِفَ تَعْصِفُ بِثَوَابِتِكَ، هُوَ شَجَاعَةٌ نَادِرَةٌ فِي هَذَا الزَّمَنِ.
أَلَّا يُخَدِّرَكَ أَلَمُ الْأَقْنِعَةِ وَهِيَ تَتَسَاقَطُ عَنْ وُجُوهٍ أَحْبَبْتَهَا، هُوَ امْتِحَانٌ قَاسٍ لِلْقَلْبِ وَالرُّوحِ. أَنْ تَظَلَّ وَفِيًّا لِمَا تَحْمِلُهُ مِنْ مَشَاعِرَ صَادِقَةٍ رَغْمَ الْإِنْكِسَارَاتِ، وَأَنْ تَتَعَلَّمَ مِنَ الْخُذْلَانِ دُونَ أَنْ تَفْقِدَ قُدْرَتَكَ عَلَى الْحُبِّ مِنْ جَدِيدٍ، هُوَ دَلِيلٌ عَلَى قُوَّةِ رُوحِكَ وَإِيمَانِكَ بِجَمَالِ الْحَيَاةِ رَغْمَ مَرَارَتِهَا.
أَنْ تَجِدَ خَيْرًا فِي أَحْدَاثٍ عَاكَسَتْكَ، يَعْنِي أَنْ تَمْتَلِكَ عَيْنًا تَرَى النُّورَ حَتَّى فِي أَحْلَكِ الظُّرُوفِ. أَنْ تُحَوِّلَ الْمَآسِيَ إِلَى دُرُوسٍ، وَالْأَحْزَانَ إِلَى دَوَافِعَ لِلنُّهُوضِ، هُوَ فَنٌّ لَا يُتْقِنُهُ إِلَّا أَصْحَابُ النُّفُوسِ الْكَبِيرَةِ.
أَنْ تَبْقَى قِيَمُكَ حَيَّةً تُرْزَقُ وَسَطَ مَخَاضٍ أَخْلَاقِيٍّ عَسِيرٍ، هُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جُذُورَكَ ثَابِتَةٌ فِي أَرْضٍ طَيِّبَةٍ. أَنْ تَتَمَسَّكَ بِالْمَبَادِئِ الَّتِي تُؤْمِنُ بِهَا، رَغْمَ الْإِغْرَاءَاتِ وَالضُّغُوطِ، وَأَنْ تَكُونَ مِثَالًا يُحْتَذَى فِي عَالَمٍ يَفْتَقِرُ إِلَى الْقُدْوَةِ، هُوَ إِنْجَازٌ عَظِيمٌ.
أَنْ تَتَحَمَّلَ عِبْءَ الْحَيَاةِ بِكُلِّ مَا فِيهَا مِنْ تَحَدِّيَاتٍ وَأَوْجَاعٍ، وَتَظَلَّ مَرْفُوعَ الرَّأْسِ، وَاثِقًا بِأَنَّ الْغَدَ يَحْمِلُ أَمَلًا جَدِيدًا، هُوَ شَهَادَةٌ عَلَى عَظَمَةِ إِرَادَتِكَ وَقُوَّةِ إِيمَانِكَ بِأَنَّ الْحَيَاةَ، رَغْمَ كُلِّ مَا فِيهَا، تَسْتَحِقُّ أَنْ تُعَاشَ.
أَنْ تَحْمِلَ صِفَةَ الْإِنْسَانِيَّةِ وَتَبْقَى رَقِيقَ الْقَلْبِ تُسَانِدُ كُلَّ مَوْجُوعٍ وَتُرَبِّتُ عَلَى كَتِفِ كُلِّ مَكْلُومٍ رَغْمَ طَعَنَاتِ الْأَيَّامِ الَّتِي تَرَكَتْ نُدُوبَهَا عَلَى خَرِيطَةِ عُمْرِكَ فَهُوَ إِنْجَازُكَ الْأَعْظَمُ عَلَى كَوْكَبٍ تَذْوِي قِيَمُهُ وَتَتَبَدَّلُ مَعَايِيرُهُ بِسُرْعَةٍ مَهُولَةٍ.
أَنْ تُحَافِظَ عَلَى قُوَاكَ النَّفْسِيَّةِ والعقلية والجسدية وَتَدْخُلَ كُلَّ يَوْمٍ مُعْتَرَكَ الْحَيَاةِ وَتَظَلَّ صَامِدًا تُوَاجِهُ السَّلْبِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِكَ وَتَسْتَوْعِبَهَا ثُمَّ تُنَقِّيَهَا مِنَ الشَّوَائِبِ عَلَّكَ تَرَى فِي زَوَايَاهَا شَيْئًا مِنَ الْإِيجَابِيَّةِ لِتَعْذِرَ أَصْحَابَهَا أَوَّلًا وَلِكَيْ لَا تَعْكِسَ تَرَدُّدَاتِهَا عَلَيْكَ ثَانِيًا فَتَسْتَمِرَّ فِي نِضَالِكَ مُبْتَسِمًا مُتَوَازِنًا فَتِلْكَ مَقْدِرَةٌ تُحْسَدُ عَلَيْهَا.
أَنْ يَبْقَى إِيمَانُكَ رَاسِخًا رَغْمَ الظُّلْمِ الَّذِي يُحِيطُ بِكَ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وَصَوْبٍ وَلَا تُقْحِمَ نَفْسَكَ فِي أَسْئِلَةٍ وُجُودِيَّةٍ سَتُتْعِبُكَ وَلَنْ تَعْثُرَ عَلَى إِجَابَاتٍ مُقْنِعَةٍ لَهَا فَذَلِكَ تَرْوِيضٌ لِلنَّفْسِ وَقَمْعٌ صِحِّيٌّ لَهَا.
بِالْمُحَصِّلَةِ أَنْ تَبْقَى أَنْتَ بِقِيَمِكَ وَطِيبَتِكَ وَنَظَافَةِ سَرِيرَتِكَ وَتُحَافِظَ عَلَى نَظَافَةِ مَعْدِنِكَ فِي خِضَمِّ تَحَدِّيَاتٍ يَوْمِيَّةٍ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى فَذَلِكَ إِنْجَازُكَ الْأَعْظَمُ وَثَرْوَتُكَ الْأَهَمُّ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ.
بقلم دعد عبد الخالق
تعليقات
إرسال تعليق