إن بعد القوة ضعفا
إن بعد القوة ضعفا
استوقفني؛ وقد كنت على عجل؛ ولكني عبرت به الطريق؛ و تأملنه قبل تودبعه؛ فها هي تجاعيد جبينه و ضمور خديه و نتوء عظامه و تقوس ظهره تروي تعب السنين الطويلة؛ و هاهي رمشات عينيه الضعيفة الكليلة تخفي فصولامن ماضيه الحافل بالتجارب و تراكم الأحداث المتلاحقة؛ وهاهي عروق يديه الناتئة كمجاري واد قاحل نحكي ملاحم كده َو حزمه؛ وها هي ارنجافات ركبتيه تعلن على الملإ ضعفا و انهيارا؛ إنها أطلال الماضي و قد لعبت بها تقلبات الأيام القاسية و تركتها تئن من ثقل أتعابها؛ وهاهي كلماته الرقيقة المتقطعة المبحوحة تؤرخ لمكتسباته و تعتز بماضيه الجميل. و تسترجع قوة بدنه و صبره على أشق الأعمال و سعيه للكسب الحلال و تحمل متطلبات الحياة و صعوبة التأقلم مع الواقع... لقد أكبرت فيه إصراره على مواصلة السير؛ ولو ببطء؛ نحو خاتمته بكل ثقة و قناعة و قابلية و انتظاره لما هو آت و ما يستره الغيب بكل راحة بال و اقتناع... احترمته و أحترمه. و أوقره و أحنو عليه لأنه "" أنا ""و "" أنت "" َو"" هو"" بعد سنين؛ دعا لي بكل ما يحفظ و يتأمل و أوصاني :عليك أن تحتاط أكثر لتكون حالتك أفضل من حالتي؛ و خاتمتك أسعد و أهنأ مما وصلت أنا إليه؛؛ ودعته و أنا أدعو له و لي و للآخرين بحسن الخاتمة و طيب المثوى و جميل العاقبة.
الهادي خلفه
تعليقات
إرسال تعليق