جنتي
جنتي
قبلَ أن أفتحَ عيني، وآذاني تسمع،
قبلَ أن يتكلمَ فمي، ولساني يمضغ،
وقبلَ أن أقفَ، وأنا على صدرِها أرتع،
تأخذني بينَ يديها، وتقاتلُ حتى أشبع.
تلكَ هي أمي، التي أعشق،
نبضاتُ قلبي تروي قصصًا لم تُعرف على مرِّ السنين.
فمن يرغبُ أن يتحقق...
ذاتَ يومٍ، والثلوجُ تُغطي وجهَ الأرض،
وأنا حافيَ القدمين، والمدرسةُ كانت علينا واجبًا وفَرْضًا،
والبَردُ حينها يدخل ذاك الجسدَ العاريَ الغَضّ.
وقفتُ مشدوهًا... عندما شاهدتُها تقطعُ عصبةَ رأسِها إلى نصفين،
وتخيطها قطعتين،
وألبستني إياهما في القدمين،
ودموعُها تجري فوقَ أجملِ خدَّين.
أنا لا أعلم ما يحصل، والموقفُ كان بالنسبةِ لي عاديًا.
المهمُّ أني نزلتُ تلكَ الغرفةَ التي تشبه مخدعَ الشحاذين...
مدرستي!
وسروري لم أُعطِهِ أحدًا من الزملاءِ.
كتبنا الواجبَ، وزغردت السماء،
الرعدُ مخيفٌ، والمطرُ فاقَ التوصيف.
قالَ المعلمُ: عودوا إلى المنازل،
الجوُّ ماطرٌ، والخوفُ في القلوبِ حائل.
عندما دخلتُ البيتَ وشاهدتُ أمي بطرحةٍ صيفية!!!
بكيتُ.
فابتسمت، وقالت: ولدي، هل أتيت؟
ما زالَ المنظرُ في ذاكرتي، وأقسمُ أني ما نسيتُ.
لكِ الرحمةُ يا أمي، يا جنتي...
نعم، صدقوا القول:
الجنةُ تحتَ أقدامِ الأمهات.
العيدُ الأغلى لمن هي في الأعلى.
سليمان ملحم
تعليقات
إرسال تعليق